كانت سدوم مدينة كبيرة عامرة, تتبعها أراض وضيعات وقري كثيرة, وكان أهلها من أفجر الناس وأكفرهم, يقطعون الطرق, وقد ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم, وهي الشذوذ الجنسي, بإتيان الذكران من العالمين, وترك ماخلق الله من النساء, وفي فعلهم هذا انحراف عن الفطرة فقد شاءت سنة الله أن يخلق البشر ذكرا وأنثي, وأن يجعلها متكاملين, وأن يكون النسل من التقاء ذكر وأنثي وركب فيمها الشهوة واللذة لضمان أن يتلاقيا فيحققا مشيئ الله في امتداد الحياة. وعندما نهاهم لوط عن هذا الانحراف سخروا منه, بل وهددوه بالطرد من قريتهم, وقد كان غريبا فيهم, بلا أهل ولا عشيرة تميه وتمنعه قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون وكأن التطهر عن الفواحش عيب وسبة وذنب يستحق الطرد وهذا أيضا من انحراف الفكر, وبعده عن ا لعقل والرشد, قال إني لعملكم من القالين فقد أعلنها صراحة, إنه يتقزز ويشمئز منهم ومن فعلتهم القبيحة, داعيا الله أن ينجيه منهم رب نجني وأهلي مما يعملون علم الله أن قوم لوط لن يؤمنوا, وقد وجبت عليهم الحج بإرسال لوط لهم, فكفروا فحق عليهم العذاب,فأرسل الله ملائكته لنفذ قضاء الله, مر الملائكة الكرام أولا بإبراهيم وبشروه وزوجته سارة بإسحاق, ثم انطلقوا وهم في صورة بشر, حتي أنوا لوطا, فاستضافوه, ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاف بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب لم يكن لوط بخيلا, حتي يضيق بالضيوف, ولكنه يعرف قومه, و,يعرف ماهم فيه من انحراف وشذوذ عجيبين, فخشي عليهم من قومه وخاف الفضيحة التي ستناله في أضيافه وجاءه قومه يهرعون إليه ورأي لوط مايشبه الحمي في أجساد قومه المندفعين إلي داره, يهددونه في ضيفه وكرامته, فحاول أن ينبه قومه إلي الفطرة السليمة, ويدعوهم إلي عدم خذلانه في ضيفه, قائلا:أليس منكم رجل رشيد ثم عرض عليهم بناته, لمن شاء أن يتزوج بهن زواجا شرعيا فهن أطهر وأصلح للزواج حسيا ومعنويا, وفي كتب بني إسرائيل المحرفة كلام كثير عن بنات سيدنا لوط, هو أقر إلي الكفر أو هو الكفر بعينه فقصصه هذه لاتليق برجل ذي عقل ومروءة, فضلا عن كونه نبيا مرسلا ومعصوما, نعوذ بالله منهم ومن كتبهم ومن كفرهم ويرفض قوم لوط عرضه بالزواج من بناته, ويصرون علي التحرش بضيوفه, وأسقط في يد لوط, وأحس ضعفه, وهو غريب بين القوم فقال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلي ركن شديد ولكن لوطا لايعلم من هم الضيوف, ولم يعرف بعد أنهم ملائكة الرحمن ورسله, وأنه يأوي إلي ركن شديد, ركن الله الذي لايتخلي عن أوليائه. وعندما ضاقت واستحكمت حلقاتها قال الرسل: يالوط إنا رسل ربك وأمروه أن يسير بأهله ليلا ويخرج عنهم حتي لايصيبه العذاب معهم,إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب نعم إنه لقريب, فلما أشرقت الشمس, أمر الله جبريل فاقتله سدوم بما فيها ومن فيها, ثم قلبها رأسا علي عقب, وتساقطت عليها الحجارة من سجيل, لكل واحد من الكافرين حجر معلم أصابه في مقتل, ونجا لوط وأهله ومن آمن به, إلا امرأته, فقد كانت علي دين قومها, أصابها ما أصابهم ومضت سنة الله في إهلاك الفاسدين وتطهير الأرض منهم.
المصدر الاهرام المسائي
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق