الأحد، 21 يوليو 2013

اشهد يا زمن وسجل يا تاريخ

الشعب‏..‏ أسقط النظام‏..‏ وانتصرت الثورة‏..‏ وعادت مصر‏..‏ إلي مصر الجديدة‏..‏ وأصبح من الصعب العثور علي كلام يعبر عن هذه الأحداث التي أبهرت العالم‏..‏ وإصراره علي أن يقدم للعالم حقيقة حضارته.
 التي وصلت إلي آلاف السنين‏..‏ صمتا دون كثير الكلام‏..‏ فقط كانت الجموع الحاشدة في كل مكان وفي كل قرية‏..‏ ومدينة وتجمع‏..‏ وكفر‏..‏ تتكلم بصمت الحضور الطاغي من كل عناصر الشعب‏..‏ ولا كلام إلا بكلمة أرحل وإسقاط النظام‏..‏ والخروج من مغارات الظلام‏..‏ إلي شمس الحرية‏..‏ في عز ظلام الليل لتشرق علي مصر‏..‏ بانتصار الملايين الهادرة بإعلان استمرار ثورته الأولي‏.‏ في‏52‏ يناير‏..1102‏ لتنتصر هذه الملايين بثورتها في اليوم الأخير الأربعاء الماضي بعد إعلان الجيش‏.‏ ومعه مجموعة من أطياف الشعب المخلصين عن رفض النظام القائم‏..‏ وأعلان خريطة المستقبل‏..‏ والتي بدأت من اليوم الثاني‏..‏ بقيام المستشار عدلي محمود منصور‏..‏ رئيس المحكمة الدستورية العليا‏..‏ بحلف اليمين كرئيس مؤقت لمصر‏..‏ أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا‏..‏ والبقية تأتي لتحقيق ما جاء في خريطة المستقبل‏..‏ التي تم الاستقرار عليها‏..‏
وكنت أشارك في جميع التجمعات الشعبية في ميادين‏,‏ وشوارع القاهرة‏..‏ وأنا مبهور‏..‏ ولا أجد كلاما جديدا لأعبر به عن هذه الثورة الشعبية بأسلوبها المذهل‏..‏ والذي أذهل العالم‏..‏ بمفاجأة هذا الأسلوب الراقي‏..‏ لأول مرة في تاريخ الثورات في العالم‏..‏ درس مبهر‏..‏ ومحير‏..‏ لكل من يحاول تفسيره‏..‏ إلا شعب مصر بكل طوائفه الذي يعرف سر هذا الشعب‏..‏ وحضارته المدفونة في أعماقه فردا فردا‏..‏ وظهرت في تجمعات شبابها‏..‏ ورجالها‏..‏ وأمهاتها وأطفالها‏..‏ ونجومها‏..‏ وفلاحيها‏..‏ وفقرائها‏..‏ وأغنيائها‏..‏ وكل من آمن بحضارتها‏..‏ لتعلن مصر في اليوم الأخير إنتصار ثورتها‏..‏ وعودة مصر‏..‏ إلي مصرها‏..‏
وفوجئت‏..‏ وأنا أقف اليوم الأخير وسط الملايين في إنتظار إعلان بيان الجيش بإنتصار الثورة‏..‏ وعلي الرغم من الزحام الشديد‏..‏ بالملايين‏..‏ كان الجو رائعا‏..‏ وهرب الحر‏..‏ ليحتل النسيم الجميل مكانه‏..‏ رسالة إلهية إلي شعب مصر‏..‏ فوجئت‏..‏ بالتاريخ صديقي‏..‏ يقف بجواري كواحد من شعب مصر‏..‏ وهو يقول لي‏..‏ لاتستغرب ياصديقي العزيز لوجودي شخصيا بجوارك‏..‏ بعد رسالتي إليك في الإسبوع الماضي من موقعي الدائم لإنشغالي بتسجيل الثورات التي تمر بها دول العالم‏..‏ وأن ما الأرض إلا فيلم تسجيلي طويل لثوراته الحقيقية‏..‏ ولكن اليوم‏..‏ لم أستطع الإنتظار‏..‏ فقررت المشاركة في إنتظار قرار الإنتصار الذي تنتظرونه جميعا بصدق ثورتكم‏..‏ وإيمانكم العظيم بعون الله‏..‏ وصبر الأقوياء‏..‏ بنجاح ثورتكم‏..‏ بإذن الله تعالي‏..‏ وأنا كتاريخ يجب أن لايقف إلي جانب أي ثورة مشاركا‏..‏ ولكن يفرض علي قانون التاريخ‏..‏ تسجيلا محايدا لهذه الثورة‏..‏ ولكني وجدت نفسي كتاريخ حديث‏..‏ أن أشارك في نهاية أيام الثورة الخاصة بكم‏..‏ ومن أهم أسباب وجودي‏..‏ هو ذلك الإبهار‏..‏ والإبداع الثوري‏..‏ ودرس لكيفية حدوث الثورات لتحقيق الإنتصار‏..‏ دون دماء‏..‏ ودون صراعات أو فتنة لتمزق وحدة الشعب‏..‏ ويتمسك بوحدة تجمعاته‏..‏ ومراقبة أحداث هذه الثورة الفريدة‏..‏ وشبابها‏..‏ وشيوخها‏..‏ وصغارها‏..‏ وكبارها‏..‏ وبناتها‏..‏ وأمهاتها‏..‏ وسيداتها‏..‏ وحتي أغنيائها‏..‏ وفقرائها في وحدة تذهل كل العالم‏..‏ وأذهلني‏..‏ كتاريخ‏..‏ وأنا معك من الآن‏..‏ حتي الإعلان النهائي‏..‏ بانتصاركم إن شاء الله‏!!‏
وسرنا سويا‏..‏ ننتقل‏..‏ من ميدان التحرير‏..‏ إلي الإتحادية‏..‏ إلي باقي المليونات الرائعة المطالبة بحب مصر‏..‏ ولم أستطع أن أتحدث مع صديقي التاريخ‏..‏ الذي يحمل معه جهازا جديدا ينقل صورا لجميع التجمعات في القاهرة كلها‏..‏ وأحيائها‏..‏ وجميع المدن المصرية‏..‏ وريفها‏..‏ وأصغر قراها‏..‏ ونري الجموع تحمل اليافطة الشهيرة بكلمة إرحل‏..‏ وجبنا كل الأماكن في مصر سيرا علي الإقدام وصولا إلي إنتظار البيان الخاص بالثورة من خلال المكان المجتمع فيه عناصر وطنية لوضع خطة طريق المستقبل‏..‏ وسط أنواع المناطق التي تمر عليها حتي وصلنا‏..‏ مرة أخري إلي ميدان التحرير‏..‏ وفي الساعة بعد العاشرة مساء‏!‏ ساد صمت غريب‏..‏ مع الصمت الأغرب الذي حدث في جنبات مصر‏..‏ في ميادينه‏..‏ وشوارعه‏..‏ وبيوته‏..‏ وجميع قنوات الإرسال‏..‏ التي كانت تتابع الأحداث منذ بداية الثورة من صباح كل يوم حتي الثانية بعد منتصف الليل‏..‏ وفرد صديقي التاريخ يده بالجهاز الذي معه‏..‏ وبدأ يظهر اللواء السيسي ليعلن البيان‏..‏ الذي إحتوي علي‏8‏ موضوعات أساسية وفي الجزء رقم‏6‏ من البيان‏..‏ كان القرار الذي أشعل نور تحقيق الأمل‏..‏ بجملة إجراء إنتخابات رئاسية مبكرة‏..‏ وتعطيل الدستور بشكل مؤقت‏..‏ وأن يتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين إنتخاب رئيس جديد‏.‏
هذا الجزء من البيان الذي إنطبع في قلوب الشعب كله‏..‏ سادت الفرحة العارمة‏..‏ في أرجاء مصر كلها‏..‏ وأنطلقت الزغاريد العائلية‏..‏ وإنهالت دموع الفرح بين الشعب في أماكن إجتماعاته‏..‏ وبين المتابعين للثورة من خلال القنوات التليفزيونية‏..‏ تنزل دموع الفرح بالإنتصار زجات زجات‏..‏ ونظر صديقي التاريخ إلي‏..‏ وإلي دموعي التي ملأت عيوني‏..‏ وتقاوم نزولها دون فائدة‏..‏ فهي مزيج بين دموع القهر والظلام الذي عشنا فيها شعبا مناضلا‏..‏ صابرا‏..‏ حضاريا‏..‏ وبين إنتصار ثورة مصر الجديدة‏..‏ وتحقيق الحلم الذي الذي كنا دائما نتمناه‏..‏ ليتحقق‏..‏ وقد أصبح الحلم حقيقة‏..‏ بفضل الإرادة القوية التي إنطلقت لتحقق أحلامنا‏..‏ في هذه الأيام‏..‏
وأنتظر صديقي التاريخ لحظة‏..‏ إحتراما منه لترك دموع الفرح وقتها‏..‏ وهي تعبر عن دموع فرح الشعب كله‏..‏ وقال لي‏..‏ الان ياصديقي العزيز‏..‏ أقول لك‏..‏ ولشعب مصر العظيم‏..‏ وكل عناصره الصادقة التي حققت معجزة أجبرت التاريخ علي أن يحضر أحداثها بنفسه‏..‏ ولاتشغل بالك‏..‏ فإني معي هذا الجهاز الذي يقوم بتشغيل أجهزة التسجيل في صومعتي‏..‏ وقد تم تسجيلها حية صادقة معك‏..‏ ومع شعب مصر‏..‏ الذي يصر دائما‏..‏ علي إبهار الدول وإذهالها‏..‏ ليضرب لهم مثلا حيا‏..‏ عن كيف يجب أن تعيش الشعوب‏..‏ وكيف تكون ثوراتها‏..‏ وإلي لقاء ياصديقي المصري‏..‏ الذي يحب مصر‏..‏ أم الدنيا‏..‏ والذي دائما يناديها بهذا الإسم الذي تستحقه مصر‏..‏ فعلا‏..‏
ورحل صديقي التاريخ الذي حضر بنفسه ليعيش معنا أجمل‏..‏ وأعظم لحظات حياتنا‏..‏ التاريخية التي إنتظرناها‏..‏ حلما‏..‏ وتحقق الحلم‏..‏ وعادت مصر‏..‏ إلي مصرها‏..‏ مرة أخري‏!!‏ ورمضان كريم‏..‏ وشكرا لله العلي العظيم‏!!‏




المصدر الاهرام المسائي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق