الأحد، 21 يوليو 2013

كرم زهدي أمير الجماعة الإسلامية السابق لـ الأهرام‏:‏ القـوات المسـلحة انحـازت للشــعب‏..‏ ومصلحة مصر فوق كل اعتبار

من وراء القضبان أطلق كرم زهدي أمير الجماعة الإسلامية مبادرة وقف العنف عام‏1998,‏ وأعلنت مبادرة وقف العنف رسميا في عام‏2001‏


وقاد زهدي المراجعات الفكرية والفقهية داخل السجن للتخلي عن العنف ورفض حمل السلاح ووقف الصراع مع الدولة, وقدم اعتذارا للشعب المصري عن قتل السادات وجميع العمليات الإرهابية التي تبنتها الجماعة الإسلامية.
نجحت تلك المبادرة في إطلاق سراح آلاف المنتمين للجماعات والتيارات الإسلامية من السجون, وبعد ثورة30 يونيو عاد من جديد ليحذر الجميع من العودة إلي مسلسل العنف بين الجماعات والدولة. ونبه إلي خطورة تكرار سيناريو الجزائر علي الأراضي المصرية!!
يري أن جماعة الإخوان المسلمين لم يعد أمامها سوي التفاوض والسعي نحو تحقيق مصالحة شاملة مع الشعب ومؤسسات الدولة
وأكد الشيخ كرم زهدي أمير الجماعة الإسلامية السابق أن ما حدث في مصر لا يعد بأي حال من الأحوال انقلابا عسكريا كما تصفه بعض التيارات الإسلامية, وأن القيادة العامة للقوات المسلحة انحازت إلي مطالب الشعب.
ويؤكد أن المشاركة لا المغالبة والمصالحة ونبذ العنف هو المخرج الوحيد من الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد.
وإلي نص الحوار
كيف تري الأزمة التي مرت بها البلاد في عهد الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي ؟
من الإنصاف أن نقول أن هذه الأزمات المتتالية والمتكررة جدا في عهد الدكتور مرسي لم يكن هو المسئول عنها بمفرده, ولكن المسئولية تقع حتما علي مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء والبطانة الحاكمة من هنا وهناك وهنا أتذكر قول احد علماء السلف من صفا صفي له ومن كدر كدر عليه ومن أحسن في ليلة كوفئ في نهاره ومن أحسن في نهاره كوفئ في ليله والخلاصة أن الموفق من وفقه الله, والرسول صلي الله عليه وسلم يقول: كما تكونوا يولي عليكم وان كان البعض يري في الحديث نظر لكن المعني بليغ والأمة تحتاج إلي مصالحة مع الله عز وجل قبل احتياجها إلي إصلاح مع الحاكم ومع النفس.
هل موقف الجيش يعتبر انقلابا عسكريا كما تعتقد بعض التيارات والجماعات الإسلامية؟ وما تقديركم لموقف القيادة العامة للقوات المسلحة من30 يونيه ؟
ليس انقلابا بالتأكيد لأن العسكريين لم يحكموا ولن يحكموا ولكنهم يقفون لحماية المجتمع والتدخل في الوقت المناسب, وبعيدا عن المسميات التي تسود الموقف السياسي في هذه الأيام فانضمام الفريق السيسي والقوات المسلحة إلي صفوف الشعب هو انضمام نصره كما يروق للبعض أن يسميه.
هل تري أن أحداث الحرس الجمهوري كانت مفتعلة لتوريط الجيش في دوامة العنف؟
يؤسفني, كما يؤسف كل مصري وعربي ومسلم, أن يتنازع الناس علي أمر من أمور الدنيا تسيل من أجله الدماء وتتناثر الأبدان ويفقد الحميم حميمه ثم يصل إلي منتهاه, فلا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قتل جاء الزمان يحمل علي جنباته شباب يلقي به من القمم الشاهقة ثم يجهز عليه من بعد الهاوية ويصرخ والداه وتضيع صرخاتهم بغير مجيب وكأني برسول الله صلي الله عليه وسلم ينادي من الزمن البعيد بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم ألا أنها ستكون فتن القاعد فيها خير من الواقف والواقف فيها خير من الماشي فبادروا بالأعمال.
هل يمكن تكرار سيناريو العنف في الجزائر علي الأرض المصرية؟
نعم اعتقد أن تتحول مصر إلي نفس سيناريو الجزائر خاصة إذا رفض الإخوان أو تأخروا في التفاوض والحوار مع الدولة, والمخرج الوحيد من هذا المأزق هو الاستجابة للحوار والتساهل في الوصول إلي حل يرضي أيا كان هذا الحل. المهم ألا نعيد التجارب الماضية وان نتعاون جميعا لأننا في مركب واحد إذا تهاونا فيها سوف نغرق جميعا. وارفض بشكل قاطع الدعوة للعنف التي تطلقها بعض الجماعات, والأهواء الشخصية واحذر الجميع من الهلاك, واذكر الجميع أننا نعيش في وطن متعدد الأطياف والأفكار. ونحن نرفض وبشدة استعمال العنف أيا كان صاحبه أو المسئول عنه سواء إخوان أو غير إخوان وأوضح أن العنف يولد عنفا اقوي ويجب أن تحل الأمور بدبلوماسيه بعيدا عن استعمال العنف مها يكن.
وما تقييمك لموقف الأحزاب فيما يحدث علي الساحة السياسية؟
لست بصدد تقييم كل الأحزاب ولكني احترم الرأي والرأي الآخر, مادام بعيدا عن العنف وعن الإهانة ويجب علي جميع الأحزاب التعامل مع الأزمة بشكل يتلخص في المحافظة علي الوطن وإعلاء مصلحة مصر فوق كل المصالح لأننا في النهاية كلنا نعيش في وطن واحد يجب علينا أن نحافظ عليه ونعمل علي وضع مصر في المكانة التي تليق بها وان نحافظ علي كل مؤسسات الدولة وخاصة مؤسسة القوات المسلحة لأنها الملاذ الأخير للشعب المصري.
ما هو السبيل للخروج من الأزمة؟
السبيل للخروج من هذه الأزمة في موقف النبي, صلي الله عليه وسلم حين مر بجوار الكعبة فوجد الناس يتنازعون أيهم يحمل الحجر الأسعد لينال هذا الشرف فاقترح النبي, صلي الله عليه وسلم, أن يأتوا بثوب ويضعوا فوقه الحجر الأسود ثم أمر القبائل أن يتعاونوا في حمل هذا الثوب ويضعوه في ركن الكعبة وبذلك يكون الجميع قد شارك في حمل الحجر وقد نال الجميع هذا الشرف وتعاونوا في أداء المسئولية العظيمة, وهكذا يمكن أن نتعاون جميعا في تحمل المسئولية العظمي وهي إدارة شئون البلاد بمشاركة الجميع دون تمييز لذوي القربي أو غيرهم.
هل تعتقد أن تدخل جماعة الإخوان في قرارات مؤسسة الرئاسة كان سببا في فشل الدكتور محمد مرسي ؟
لن اتحدث عن جماعة بعينها والأمر لله من قبل ومن بعد, والناس كانوا ينتظرون بعد الثورة حلا لمشاكلهم خاصة الشباب الذي لا يجد قوت يومه بعد أن بذل كل ما يملك للحصول علي شهادته فلا عمل ولا مرتبات ولا علاج ولا يستطيع أن يرد إلي أبيه وأمه ما أنفقاه عليه ولا يجد زوجة ولا مسكن ولا شئ يسد الرمق, فلماذا يبقي علي البلاد انه شباب محطم طالما سدد آذانه من حديث عن العدالة الاجتماعية أو الحد الأدني من الأجور ولا مجيب بل أنهم يرفضون الحد الأعلي للأجور الذي يتجاوز30000 ويرفضون الحد الأدني لأجور الشباب الذي يقدر بألف جنيه, وقد أسمعت إذ ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي.
هل الأزمات يصنعها الحاكم أم المحكوم. وكيف تري حالة الانقسام التي يشهدها الشارع المصري بعد ثورة30 يونيو وعزل الرئيس محمد مرسي ؟
الأزمات لا يصنعها الحاكم وحده, ولكن الحاكم والمحكومون, بتقصيرنا جميعا في جنب الله عز وجل لو تكاتف الجميع أمام الأزمات وعدم الصراع علي السلطة لما كانت هناك أزمات ولكن الكل يسعي إلي مصالحه دون النظر إلي مصلحة الوطن التي هي اسمي الأشياء التي يمكن من اجلها أن نتوحد لإعلاء مصلحة الوطن, وخصوصا أن مصر تمر بمرحلة فارقة من التاريخ إما نكون أولا نكون.
والأمة المصرية الآن انقسمت إلي قسمين قسم يسمي بالشعب وقسم يسمي بالشرعية وقسم ثالث ذو فكر راح يدعو إلي وحدة الصف وتغليب الحوار لكن تطورت الأمور وساد الهرج والقتل وتناثرت الدماء, ولا احد يريد التراجع والتضحية بالمكان والمكانة والقامة والمقام, وأصبحت لكل جماعة رؤية حتي انقسمت الأمة وأصبحت علي شفا جرف هار, وكان لا بد من إنقاذ البلاد حتي لو أدي ذلك إلي التضحية بالكرسي, كما فعل الإمام الحسن بن علي حين ضحي بمكانته ليجتمع أمر المسلمين, لو اختاروا من كل الأطياف للمشاركة في إدارة البلاد لما وقعت الأزمات.
هل دخلت جماعة الأخوان المسلمين في دوامة العنف المسلح ؟ وهل العنف أصبح مسلكا مشاعا ؟
اعتقد بأنهم بدأوا في ذلك ولكن انصحهم بالحوار الهاديء الصادق الذي يجمع القلوب ولا يفرقها والبعد عن الشجار والتنافس وتعظيم الذات. وأري أن العنف اصبح مسلكا مشاعا بين الجميع. وأحذر الجميع من العنف الذي سيقضي علي الأخضر واليابس وأطالب الجميع بضرورة أن تكون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وان نسعي جاهدين إلي تحقيق مصالحة حقيقية. ونؤكد هنا رفضنا التام للدعوة إلي العنف من الجميع ومهما كانت الأسباب قال الله عز وجل: ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن.
هل خرجت الجماعات الإسلامية خاصة الجهادية عن المراجعات الفقهية ومبادرات نبذ العنف التي أقرتها في السجون ؟
المراجعات أمر شرعي يعني الوصول إلي الحق في مسائل عديدة انتهجناها وقلنا بها من قبل, ولما تبين لنا وجه الحق فيها سارعنا بمراجعة هذه القضايا حتي أعلنا وجه الحق والصواب فيها ووسطية وعدالة الحكم الشرعي الراجح فيها فمن أخذ بها وعلمها للشباب حتي لا يقعوا فيما وقعنا فيه فقد استمسك بالعروة الوثقي لا انفصام لها والله سميع عليم ومن تراجع عنها وعاد إلي سيرته الأولي فأمره إلي الله ولن يضر إلا نفسه.
وما رأيك في موقف الأزهر الشريف من الأحداث الجارية ووقوف شيخ الأزهر مع مطالب الثورة ؟
الأزهر الشريف, هو مدرسة ومنهج الوسطية التي نسعي جميعا اليها, وأطالب الجميع أن يتمسكوا بالوسطية التي نادي بها الأزهر الشريف, وإمامه الأكبر الدكتور احمد الطيب, والأزهر نجح فيما لم ينجح فيه احد في درء الفتنه داخليا, واستعادة دوره ورإدته خارجيا, وتوسط الإمام الأكبر في الإفراج عن المصريين في الإمارات, مما يؤكد أن الأزهر له مكانة عالية في مصر وخارجها.
وكيف تري موقف الولايات المتحدة وتركيا من ثوره30 يونيو ؟
هناك فرق بين أمريكا وتركيا أما عن الولايات المتحدة الأمريكية فخلاصة القول المصلحة وإجراء التجارب ليستفيد منها الأمريكان وذلك ما حدث في أول الأمر بعد الثورة فقد اختارت أمريكا الوقوف بجوار الاتجاه الإسلامي الموجود والفاعل في هذه الفترة وهو الإخوان ولما أطربت الأمور وصارت الأمة إلي فرقه واختلاف أدارت الدفة إلي تجاه آخر يحقق لها ذات المصلحة مهما كانت التجربة التي حدثت مريرة. والدماء التي سالت غزيرة, فلا يهم إلا مصلحة الأمريكان وقديما قالوا الملتحف بالأمريكان عريان, أما الأتراك فشانهم شان كثير من الدول الإسلامية حيث تتسم مواقفهم بالأيديولوجيات والعاطفة الإسلامية.





المصدر الاهرام



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق